«المواويل.. الموشحات.. الابتهالات».. ألوان غنائية مختلفة ارتبط أغلبها بالقصص الشعبية، تجدهم حاضرين في المناسبات الاجتماعية والموالد والجلسات الدينية، تحظى بجماهيرية وشعبية كبيرة، عرفت طريقها للسينما سريعًا إلا أنها مؤخرًا زاد الاعتماد عليها فى التليفزيون والشاشة الذهبية.
تعكس تلك الألوان المختلفة الصورة والقصة إلى الجمهور بشكل كبير، وخاصة أنها قريبة ومألوفة لآذانهم ويرددونها، مما شجع المخرجين على الاستعانة بالمنشدين والمغنين الصوفيين، لإثراء أعمالهم وإعطاء الطابع الشعبي القريب من كل الطبقات والذي يرضي جميع الأذواق، ومن خلال هذا التقرير نستعرض أبرز هذه الأعمال التي ركزت على هذه الألوان ولاقت صدى واسعا مع الجمهور، وأسباب اللجوء إليها مؤخرًا..
«الكنز».. الموال يجسد معاناة الغلابة
يعد فيلم «الكنز» للمخرج شريف عرفة، واحدًا من هذه الأعمال التي ركزت على «الموال» أقدم أشكال الغناء الشعبي، حيث استعان بالمنشد إيهاب يونس، لتقديم ثلاثة مواويل، وذلك ضمن السياق الدرامي للأحداث، حيث لخصت حال الشعب تحت الولاية العباسية، والظلم والفساد الممارس ضد الغلابة وسرقة أموالهم تحت مسمى الضرائب.
ولعبت هذه المواويل في إثراء هذه الحقبة الزمنية داخل أحداث الفيلم، ويقوم ببطولة العصر العثماني الفنان محمد رمضان بشخصية «علي الزيبق» أحد أبطال السير الذاتية في التراث المصري، كما يعتبر هذا أول ظهور في السينما للشيخ إيهاب يونس، ليس منشدًا دينيًا أومبتهلًا صوفيًا، بل قصاص ينقل معاناة المساكين والغلابة.
«الكنز» من تأليف عبد الرحيم كمال، وإخراج شريف عرفة، من بطولة محمد رمضان ومحمد سعد وهند صبري وروبي وأمينة خليل وأحمد رزق وسوسن بدر.
[youtube https://www.youtube.com/watch?v=krPCwmdlqwY?wmode=transparent&jqoemcache=T8ZD1]
تقع أحداث “الكنز” فى ثلاثة عصور، الفرعوني، والمملوكي، والنصف اﻷول من القرن العشرين، وتنتقل الأحداث حول فساد وسطوة بعض رجال الدين على السلطة عبر العصور، والتعاملات المزيفة والسيئة مع الشعب، وكيفية إقحام الدين في السياسة من أجل الحصول على مناصب، خصوصًا أن هناك رجال دين تعمدوا التلون والتزييف في هذه الحقبة الزمنية لكي يكونوا هم الأقوى ويحافظوا على مراكزهم.
الفشني.. يبدع في «واحة الغروب»
وكان اختيار المخرجة كاملة أبو ذكري، للمنشد وائل الفشنى لغناء تتر مسلسلها «واحة الغروب» والذي عرضه في رمضان الماضي، واحد من أهم أسباب نجاح العمل نظرًا لانتشار التتر محققًا نسبة مشاهدة عالية على موقع الفيديوهات الشهير يوتيوب، والأكثر بحثًا على محرك البحث «جوجل».
ويبدأ التتر بصوت «الفشني»، هو يقول: «سافر حبيبي وداخل لي يودعني، بكى وبل المحارم وأنا قلت إيه يعني؟!، والله فراق الحبايب مُرّ يوجعني»، ليمر هذا المسلسل إلى قلوب المشاهدين من خلال هذه الكلمات المأخوذة عن التراث الصعيدي عن الشيخ أحمد برّين والشيخ العجوز وموسيقى تامر كروان.
[youtube https://www.youtube.com/watch?v=ThSMztSpfA8?wmode=transparent&jqoemcache=BQxG8]
وفي هذا السياق، قال الناقد الفني طارق الشناوي، في تصريحات خاصة لـ«الفن اليوم»، إن الاستعانة بهذه الألوان داخل الأعمال الدرامية تعود إلى الحاجة وليس لأن الجمهور يريد أن يستمع إلى موال أو موشح او غيرها، فقط لأن اللون يخدم السياق الدرامي للمسلسل او الفيلم المقدم.
وتابع الناقد الفني، «على سبيل المثال مسلسل «واحة الغروب» والاستعانة بإحدى المنشدين لأداء التتر، ذلك لأن المخرجة كاملة أبو ذكري أدركت أن الفولكلور سيخدم المسلسل بالإضافة إلى أنه سيساهم في توصيل الرسالة بشكل أوضح».
«واحة الغروب» من بطولة خالد النبوي، منة شلبي، سيد رجب، منذر رياحنة، أحمد كمال، ركين سعد، وتأليف مريم نعوم وإخراج كاملة أبو ذكري.
«سر القبول».. موعظة طاقة نور
غنى المنشد علي الهلباوي، تترى البداية والنهاية لمسلسل «طاقة نور» الذي عرضه في رمضان الماضي، ونجحت هذه الكلمات في تحقيق الهدف منها والوصول إلى الجمهور، واحتوت كلمات «سر القبول» على وعظ للناس بأسلوب غنائي قريب من القلب.
وتقول كلماتها «مش عايز الرزق الكتير لو فيه حرام.. طعم الحلال كله رضا وده مش كلام..لا بذل نفسي للبشر ولا بنحني..أنا مش فقير علشان أنا عبد الغني.. رضا ربنا إزاى أنوله بالذنوب لازم أتوب..المعصية حفرة في طريق الرزق منعاه من الوصول..هسد الحفر بالتوبة وأرجع للكريم».
[youtube https://www.youtube.com/watch?v=vvVCeyyevUY?wmode=transparent&jqoemcache=eitrI]
وفي هذا الصدد، قالت الناقدة الموسيقية، ياسمين فراج في تصريحات خاصة لـ«التحرير»، أن هناك نوعان من الموال «صوفي- موعظة»، والثاني بمعنى عظ البشر ويضم داخله الأمثال الشعبية، مشيرة إلى أن كافة الفنون في الفترة الأخيرة تروج للفكر الصوفي سواء بالسينما والتليفزيون والمسرح مثل «قواعد العشق الـ 40».
وأضافت «ياسمين»، أن الفن الصوفي ازدهر عقب ثورة 25 يناير وبعد سقوط الإخوان، حيث ظهرت الفرق الصوفية بشكل كبير وأصبح لهم حفلات تقام على مدار العام.
يذكر أن «طاقة نور» من بطولة هاني سلامة، حنان مطاوع، إيهاب فهمي، أشرف عبدالغفور، جيهان خليل، هيدي كرم، ومن تأليف رؤوف عبد العزيز وإخراج حسان دهشان.
انتشار التيار الصوفي.. مصادفة أم توجه مقصود؟
وذكرنا في السابق عدة أمثلة على الألوان الغنائية التي سادت مؤخرًا على الساحة الفنية بمختلف أشكالها، وحول أسباب الاعتماد عليه، أرجعت الناقدة الموسيقية، ياسمين فراج، إلى ثلاث أسباب وهم الدولة أو المصادفة أو حب هذا اللون.
وقالت الناقدة الموسيقية، قد يكون انتشار هذا الطيار له شق سياسي متعلق بالدولة يسعى لنشر هذا الفكر، أو توجه بشري جاء مصادفةً بأن توجهات الغناء في المسرح والسينما والدراما تقدم هذا اللون، أو أن الجمهور أحبه فأصبح الفن بوابته لتقديم لونه المفضل.
وأضافت، أن كافة المواويل الصوفية التي تقدم فى السينما والدراما يطلق عليها «ما بعد الحداثة» على مستوى مستوى اللحن، وذلك لمزج الآلات الحديثة كالأورج والجيتار مع الآلات الشرقية الناي والربابة.